2007-10-28


انعقد سنة 451م يُعتبر من أهمّ المجامع، إذ نجم عن هذا المجمع انشقاقٌ أدّى إلى ابتعاد الكنائس الشرقيّة (: القبطيّة والأرمنيّة والسريانيّة ) عن الشركة مع الكنيستين الرومانيّة و البيزنطيّة الذين يرون أن مجمع خلقيدونية المجمع المسكوني الرابع.
الكنائس الشرقيّة رفضوا اصطلاح "طبيعتين" الذي كان يوازي عندهم لفظة (شخصين). وكانوا يفضلون عليها تعابير أخرى وردت عند البابا كيرلّس مثل عبارة "طبيعة واحدة" في قولته الشهيرة: "طبيعة واحدة للإله الكلمة المتجسد" ..
الخلقيدونيين يقولون إنه إن كان مجمع خلقيدونية سنة 451م قد سبب شقاقًا في الكنيسة، فإنهم يرون أن ما حدث كان رد فعل لمجمع أفسس الثاني عام 449م، الذي دعاه لاون أسقف روما بالمجمع اللصوصي، ويتهم المؤرخون واللاهوتيون القديس ديوسقورس بالعنف، وأنه قاد المجمع لصالح اللاهوت الإسكندري.

مجمع القسطنطينية المكانى 448م
لسنة 449م إذ اقتنع الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثاني بعقد مجمع طلب من ديسقورس أن يمارس سلطته في المجمع كرئيس، وطلب من يوبيناليوس أسقف أورشليم وتلاسيوس أسقف قيصرية كبادوكية أن يكونا رئيسين شريكين معه.
إعاد مجمع أفسس الثاني اعتبار أوطيخا
عقد المجمع الجلسة الأولى في 8 أغسطس عام 449م، وحضره 150 أسقف برئاسة البابا ديسقوروس وبحضور الأسقف يوليوس ممثل بابا روما، وجيوفينال أسقف أورشليم، ودمنوس أسقف أنطاكيا وفلافيان بطريرك القسطنطينية. وبعد استعراض وقائع مجمع أفسس الأول 431م، ومجمع القسطنطينية المكانى 448م، وقراءة اعتراف مكتوب لأوطيخا بالإيمان الأرثوذكسى قدّمه إلى المجمع مخادعاً. وبعد الاستماع إلى آراء الحاضرين؛ حكم المجمع بإدانة وعزل فلافيان بطريرك القسطنطينية ويوسابيوس أسقف دوروليم وبتبرئة أوطيخا وإعادته إلى رتبته الكهنوتية. كما حكم المجمع بحرم وعزل كل من هيباس أسقف الرها وثيئودوريت أسقف قورش وآخرين. حكم علي البابا ديسقورس فيما بعد ظلما في مجمع خلقيدونية سـنة 451م ومات في المنفي. الخلاف العقيدى
تم رفض قرارات مجمع أفسس الثاني من قبل بابا روما ودعى الإمبراطور مرقيانوس والإمبراطورة بولخيريا لانعقاد مجمع خلقيدونية بناء على طلب أسقف روما فتم عقد مجمع خلقيدونية في مدينة خلقيدونية سنة 451 وحضره 330 أسقفاً (في رواية) و600 أسقف في روايةأخرى.  : " تحت الضغط المستمر من جانب الإمبراطور مرقيون وافق آباء خلقيدونية على وضع صيغة جديدة إيمانية

أسباب عقد مجمع خلقيدونية
أنه لما دعي البابا ديوسقورس إلى المجمع المسكوني الخلقدوني بأمر الملك مرقيان ، رأى جمعا كبيرا من أساقفة يبلغ عددهم ستمائة وثلاثين أسقفا، فقال ما هو الذي تنقصه الأمانة حتى اجتمعت هذه الجماعة العظيمة ؟ فقالوا له ان هذه الجماعة اجتمعت بأمر الملك ، فقال ان كان هذا المجمع بأمر السيد المسيح ، فأنا أحضره ، وأتكلم بما يتكلم به الرب على لساني وان كان قد اجتمع بأمر الملك ، فليدبر الملك مجمعه كما يريد ، وأذ رأى أن لاون بطريرك رومية قد علم أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين من بعد الاتحاد ، انبرى لدحض هذا المعتقد الجديد فقال "ان المسيح واحد ، هو الذي دعي إلى العرس كإنسان ، وهو الذي حول الماء خمرا كإله ، ولم يفترق في جميع أعماله" ، واستشهد بقول البابا كيرلس "ان اتحاد كلمه الله بالجسد ، كاتحاد النفس بالجسد ، وكاتحاد النار بالحديد ، وان كانا من طبيعتين مختلفتين ، فباتحادهما صارا واحدا" . ، كذلك السيد المسيح ، مسيح واحد ،. ورب واحد ، طبيعة واحدة ، مشيئة واحدة . فلم يجسر أحد من المجتمعين في المجمع أن يقاومه وقد كان فيهم من حضر مجمع أفسس الذي اجتمع على نسطور وأعلموا الملك مرقيان Marcian والملكة پولكاريا Pulcheria ، أنه لم يخالف أمركما في الأمانة إلا ديوسقورس بطريرك مدينة الإسكندرية . فاستحضراه هو والمتقدمين في المجمع من الأساقفة ، واستمروا يتناقشون ويتباحثون إلى أخر النهار ، والقديس ديسقورس لا يخرج عن أمانته ، فشق ذلك على الملك والملكة ، فأمرت الملكة بضربه على فمه ، ونتف شعر لحيته ، ففعلوا ذلك ، فاخذ الشعر والأسنان التي سقطت ، وأرسلها إلى الإسكندرية قائلا : هذه ثمرة الإيمان ، أما بقية الأساقفة فانهم لما رأوا ما جرى لديوسقورس ، وافقوا الملك ، لأنهم خافوا أن يحل بهم ما حل به، فوقعوا بإيديهم على وثيقة الاعتقاد بان للمسيح طبيعتين مختلفتين مفترقتين ، فلما علم ديوسقورس ، أرسل فطلب الطومس Tome ( أي الإقرار الذي كتبوه ) زاعما أنه يريد أن يوقع مثلهم ، فلما قرأه كتب في أسفله بحرمهم وحرم كل من يخرج عن الأمانة المستقيمة ، فاغتاظ الملك وأمر بنفيه إلى جزيرة غانغرا ، ونفى معه القديس مقاريوس أسقف إدكو ، واثنان آخران ، وظل المجمع بخلقيدونية
الجدير بالذكر ان اسباب مجمع خلقيدونية المعلنة لعزل البابا ديوسقورس ليست اسباب عقائدية لاهوتية بل لاسباب ادارية تتعلق بموقفه في مجمع أفسس الثاني حيث اعاد اوطاخي للشركة وتمت الاساءة لفلافيان.

البابا ديوسقورس و مجمع خلقيدونية
بدأ مجمع خلقيدونية أعماله في الثامن من تشرين الأول سنة 451 في خلقيدونية.
الوفد الأنطاكي: وتألف الوفد الأنطاكي من مئة وثلاثين أسقفاً وذلك على الوجه التالي:
أساقفة سورية الأولى: مكسيموس أسقف أنطاكية وماراس أسقف خناصير (جنوب شرق حلب على بعد ستين كيلومتراً عنها) وثيوكتيستوس أسقف حلب ورومولوس أسقف قنسرين وبوليكاريوس أسقف جبلة وبطرس أسقف الجبّول ومكاريوس أسقف اللاذقية وسابا أسقف بلدة وجيرونتيوس أسقف سلفكية.
أساقفة سورية الثانية: دومنوس أسقف أبامية ومرقس أسقف الرستن وتثموثاوس أسقف بانياس وافتيخيانوس أسقف حماه وملاتيوس أسقف شيزر وبولس أسقف مريمين إلى شرقي المشتى ولمباذيوس أسقف رفنية وافسابيوس أسقف جسر شغور.
أساقفة أسورية: وهم اثنان وعشرون أولهم باسيليوس أسقف سفلكية الساحلية ويأتي بعده يعقوب أسقف أنيموريون واكاكيوس أسقف أنطاكية.
أساقفة قيليقية الأولى: ثيودوروس أسقف طرسوس وفيليبوس أسقف ادنه وثيودوروس أسقف أوغسطة وخمسة آخرون.
أساقفة قيليقية الثانية: كيروس أسقف عين زربة ويوليانوس أسقف الإسكندرية وباسيانوس أسقف موبسوستي ويوليانوس أسقف أرسوز وخمسة آخرون.
أساقفة الفرات: اسطفانوس منبج وقوزمة قورش وتيموثاوس أسقف دولك وداود أسقف جرابلس ويوحنا أسقف مرعش وبتريقيوس أسقف صفين وماراس أسقف روم قلعة واثناثيوس أسقف بيرين ومايانوس أسقف الرصافة وروفينوس أسقف سميساط واوراتيوس أسقف سوريه وسوره على الفرات وايفولغيوس أسقف بلقيس.
أساقفة الرها: نونوس أسقف مدينة الرها ودانيال أسقف بيره جك ودميانوس أسقف الرقة وابراهيم أسقف كيراسيوم ولعلها قرقيسيون عند مصب الخابور في الفرات وصفرونيوس أسقف قسطنطينة ويوحنا أسقف حرَّان وقيومة أسقف مركوبوليس وهي مجهولة الموقع ويوحنا أسقف العرب.
أساقفة ما بين النهرين: سمعان أسقف آمد وماراس أسقف غزة (وهي مجهولة الموقع) وقيومة أسقف انجل ونوح أسقف كيفا وزبنوس أسقف ميافارقين وافسابيوس أسقف صوفانة.
أساقفة العربية: قسطنطين أسقف بصرى وبروكلوس أسقفة درعة ومالك أسقف مسمية وثيودوسيوس أسقف القنوات وسُليم أسقف قسطنطينة اللجا وماراس أسقف السويدا ويوحنا أسقف الصنمين وزوسيس أسقف حسبان واناستاسيوس أسقف حران وبلانكوس أسقف جرش وغيانوس أسقف مادبا وسويروس أسقف نوى وغوطوس أسقف مشنّف وافلوجيوس أسقف عمان وهورميداس أسقف شحبة ونونوس اسقف اذرح.
أساقفة فينيقية الأولى والساحلية: فوطيوس أسقف صور والكسندروس أسقف طرطوس وبولس أسقف أرواد وايراقليطس أسقف عرقة وافستاثيوس أسقف بيروت ويورفيريوس أسقف البترون وبطرس أسقف جبيل وفوسفوروس أسقف عرطوز واوليمبوس أسقف بانياس وتوما أسقف النبي يونس Porphyreon وبولس أسقف عكة ودميانوس أسقف صيدا وثيودوروس أسقف طرابلس.
مجمع خلقدونية أساقفة فينيقية الثانية واللبنانية: ثيودوروس أسقف دمشق ويردانوس أسقف سوق وادي بردى وإبراهيم أسقف حرلانة في الغوطة وذاذاس أسقف قارة وكناكر وبطرس أسقف جيرود وثيودوروس أسقف مهين وأورانيوس أسقف حمص وتوما أسقف حوارين ويوسف أسقف بعلبك وافسابيوس أسقف يبرود وفاليريوس أسقف قطيية ويوحنا أسقف تدمر وافستاثيوس أسقف العرب.
الوفود الأخرى: وتألف الوفد الروماني من الأسقفين باسكاسينوس ولوشنتيوس والقسين بونيفاتيوس وباسيليوس وانضم إليهما يوليانوس أسقف جزيرة كوس للمرة الثانية. وجاء ديوسقوروس ووراءه سبعة عشر أسقفاً. وانضم إلى هؤلاء أساقفة آسية وتراقية واليونان واليرية وأفريقيا. ومثل الدولة الرومانية أناتوليوس القائد الكبير وبلاذيوس برايفكتوس الشرق وتاتيانوس برايفكتوس العاصمة وخمسة عشر موظفاً.

احداث مجمع خلقيدونية
افتتحت أعمال المجمع في الثامن من تشرين الأول في كنيسة القديسة افيمية في خلقيدونية بحضور هذا العدد الكبير من الأساقفة (وصل عدد الآباء في هذا المجمع لـ 600) ووجود عدد من وجهاء الدولة في صدر المجمع أمام الباب الملوكي وعن يسارهم نواب رومة القديمة وأناتوليوس أسقف رومة الجديدة فمكسيموس أسقف أنطاكية وعن يمينهم ديوسقوروس أسقف الإسكندرية يوبيناليوس أسقف أورشليم ثم سائر الأساقفة من الجهتين.
وبعد الافتتاح قام باسكاسينوس ووقف في وسط المجمع وقال لعظماء الدولة: "إن أسقف مدينة الرومانيين الرسولي الجزيل الغبطة رأس جميع الكنائس أمرنا أن نخاطبكم بأن لا يجلس معنا ديوسقوروس أسقف الإسكندرية. فإما أن يخرج هو وإما أن نخرج نحن". فرأى ممثلو السلطة أن يجلس ديوسقوريوس في وسط المجمع فجلس. ثم وقف افسابيوس أسقف دورلة ودفع كتاباً مضمونه ملخص ما جرى من التلصص في أفسس. وتليت بعد ذلك أعمال المجمع اللصوصي ثم أعمال المجمع القسطنطيني قبله. وبعد أخذ ورود شديدين اقترح ممثلو السلطة قطع كل من ديوسقوروس الإسكندرية ويوبيناليوس أورشليم وثلاثيوس قيصرية وافسابيوس أنقيرة وافستاثيوس بيروت وباسيليوس سلفكية باعتبارهم زعماء التلصص في أفسس. ثم ارتفعت الجلسة فخرج الآباء يرددون: "قدوس الله قدوس القوي قدوس الذي لايموت ارحمنا" وهي أول مرة يرد فيها ذكر التريصاجيون في تاريخ الكنيسة. وهتفوا بعد ذلك قائلين: "لتكن سنو الأمبراطور عديدة! المسيح أسقط ديوسقورس القاتل! قدوس الله قدوس القوي قدوس الذي لا يموت ارحمنا".

الجلسة الأولى
في العاشر من تشرين الأول وظل ديوسقوروس ويوبيناليوس وسائر المتهمين بأعمال التلصص في أفسس خارج المجمع. فطلب ممثلو السلطة من الآباء المجتمعين أن ينظروا في أمر الإيمان وأن يتفقوا على صيغة نصبح هي المعول عليها. فذكر الآباء أن المجمع المسكوني الثالث حرم أي تعديل في قانون الإيمان النيقاوي. ولكن نظراً لإلحاح السلطة فإن الآباء أصغوا إلى نصوص رسائل كيرلس إلى نسطوريوس ويوحنا وإلى "الطوموس" رسالة لاون إلى فلابيانوس الشهيد. فهتف معظم الآباء هذا هو إيمان الآباء هذا إيمان الرسل. جميعنا هكذا نؤمن. الأرثوذكسيون هكذا يؤمنون. محروم من لا يؤمن هكذا. بطرس نادى بهذا التعليم بواسطة لاون. كيرلس هكذا علم. محروم من لا يؤمن هكذا. وتردد أساقفة فلسطين وطلبوا شرح الطوموس ولم يتخذ أساقفة مصر موقفاً معيناً نظراً لتغيب رئيس وفدهم ديوسقوروس. وقبيل ارفضاض الجلسة هتف بعض الاليريين للأساقفة المتهمين.

الجلسة الثانية
التأم المجمع في جلسته الثالثة في الثالث عشر من تشرين الأول وفي كنيسة مجاورة لكنيسة القديسة افيمية تضم رفاة بعض الشهداء. وتغيب ممثلو السلطة. ونهض افسابيوس أسقف دورلة وقرأ مذكرة جديدة يبين فيها هفوات ديوسقوروس وذنوبه. ثم تلاه أربعة اكليريكيين اسكندريين انتقدوا ديوسقوروس من حيث موقفه من أسرة سلفه كيرلس وقساوته وظلمه ومن حيث طمعه بالمال وجشعه في جمعه. فدعا المجمع ديوسقوروس ثلاث مرات فلم يحضر فقال باسكاسينوس -مترأس المجمع- لقد دعي ديوسقوروس ثلاث مرات ولم يحضر فماذا يستحق هذا الذي يزدري بالمجمع؟ فقال المجمع: يستحق جزاء العصاة. ثم قال لوقيانوس أسقف بيزا ونائب أسقف هرقلية: لقد أجرى المجمع المسكوني السابق أعمالاً ضد نسطوريوس فلنقف على إجراءاته ولنعمل بموجبها. فقال باسكاسينوس: أتأمرون أن نطبق في حقه عقوبات كنسية؟ فقال المجمع: "إننا نوافق على ما هو حسن". وخاطب الأسقف يوليانوس وفد رومة وطلب إلى رئيسه باسكاسينوس أن يبين القصاص المعين في القوانين. فقال باسكاسينوس: إني أكرر ماذا تستحسنون؟ فقال مكسيموس أسقف أنطاكية العظمى: "كل ما يستحسنه برّكم نوافق عليه". فاقترح باسكاسينوس قطع ديوسقورس لأنه برَّأ أوطيخة وقبله في الشركة قبل اجتماع افسس ولأنه لم يسمح بقراءة رسالة لاون إلى المجمع ولأنه أصرّ على قطع العلاقة مع الأرثوذكسيين. فقال أناتوليوس أسقف رومة الجديدة: إني أعتقد في كل شيء مثل الكرسي الرسولي أوافق على قطع ديوسقوروس. وقال مكسيموس أسقف أنطاكية: إني أضع ديوسقوروس تحت العقاب الكنسي الذي فاه به لاون أسقف رومة القديمة وأناتوليوس أسقف رومة الجديدة. ووافق كثيرون آخرون فحكم على ديوسقوروس بالقطع. أما الأساقفة الباقون من المتهمين فإنهم قدموا ندامة ونالوا الصفح.

الجلسة الثالثة
بحث الآباء في الجلستين الرابعة والخامسة أمر العقيدة. فنظروا في طوموس لاون على ضوء دستور الإيمان الذي سُنَّ في المجمعين المسكونين الأول والثاني وعلى ضوء تحديدات القديس كيرلس كما جاءت في أعمال المجمع المسكوني الثالث.
وقدم ثلاثة عشر أسقفاً مصرياً لائحة إيمان أثبتت تعلقهم بإيمان الآباء منذ عهد مرقس الإنجيلي حتى أيام كيرلس وشجبوا آريوس وفتوميوس وماني ونسطوريوس ولكنهم سكتوا عن أوطيخة. فوبخهم المجمع، فقالوا أنهم يعملون بموجب القانون النيقاوي السادس إذ لا يجوز لهم أن يقطعوا رأياً بدون موافقة أسقف الإسكندرية.
وحاول برصوم أن يدافع عن ديوسقوريوس ولكنه لم يُفلح. فإنه ما كاد يطل على الآباء المجتمعين حتى تعالت الأصوات بوجوب خروجه. فقال البعض: "إلى الخارج أيها القاتل إلى المرسح المدرج إلى الوحوش الضارية". فخرج برصوم والوفد الرهباني الذي كان يرافقه.
وأُلِّفت تمثل جميع الآراء في المجمع لتعد صورة اعتراف يبت في قضية الطبيعة الواحدة التي أثارها أوطيخة. فقامت هذه اللجنة بالمهمة الموكولة إليها خير قيام وتقدمت من المجمع في جلسته الخامسة بمشروع اعتراف هذا نصه:
إننا نعلّم جميعنا تعليماً واحداً تابعين الآباء القديسين. ونعترف بابن واحد هو نفسه ربنا يسوع المسيح. وهو نفسه كامل بحسب اللاهوت وهو نفسه كامل بحسب الناسوت. إله حقيقي وإنسان حقيقي. وهو نفسه من نفس واحدة وجسد واحد. مساوٍ للآب في جوهر اللاهوت. وهو نفسه مساوٍ لنا في جوهر الناسوت مماثل لنا في كل شيء ماعدا الخطيئة. مولود من الآب قبل الدهور بحسب اللاهوت. وهو نفسه في آخر الأيام مولود من مريم العذراء والدة الإله بحسب الناسوت لأجلنا ولأجل خلاصنا. ومعروف هو نفسه مسيحاً وابناً وربّاً ووحيداً واحداً بطبيعتين بلا اختلاط ولا تغيير ولا انقسام ولا انفصال من غير أن يُنفى فرق الطبائع بسبب الاتحاد بل إن خاصة كل واحدة من الطبيعتين ما زالت محفوظة تؤلفان كلتاهما شخصاً واحداً واقنوماً واحداً لا مقسوماً ولا مجزّءاً إلى شخصين بل هو ابن ووحيد واحد هو نفسه الله الكلمة الرب يسوع المسيح كما تنبأ عنه الأنبياء منذ البدء وكما علّمنا الرب يسوع المسيح نفسه وكما سلّمنا دستور الآباء.

مجمع خلقدونية الجلسة السادسة
1- الكنائس الغير خلقيدونية: وتضم الكنيسة القبطية (ومعها الحبشية)، وكنيسة أنطاكية ،وكنيسة أورشليم، وكنائس آسيا الصغرى -عدا القسطنطينية- التي –كنائس آسيا الصغرى- ظلت متمسكة بقرارات المجامع الأولى ومعتقدات أثناسيوس وكيرلس وديسقوروس في طبيعة واحدة للمسيح أي اتحاد اللاهوت بالناسوت بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير. (وحالياً الكنائس الشقيقة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية هي الكنيسة الحبشية والإريترية والسريانية والهندية والأرمنية).
2- الكنائس الخلقيدونية: تضم كنيسة رومية، وكنيسة القسطنطينية - اللتين اعتنقتا المعتقَد القائل بأن للمسيح طبيعتين ومشيئتين. انقسمت الكنيسة إلى شطرين:
صور وبيروت: ونظر الآباء في الجلسة الرابعة في الدعوة التي أقامها فوطيوس أسقف صور على افستاثيوس أسقف بيروت. وخلاصة هذه الدعوة أن أناتوليوس أسقف القسطنطينية وهب افستاثيوس أسقف بيروت لمناسبة ارتقائه إلى رتبة متروبوليت الرئاسة على أسقفيات جبيل والبترون وطرابلس وعرطوز وعكار وطرطوس وذلك بعد أن كانت هذه جميعها خاضعة لمتروبوليت صور. فلام المجمع أناتوليوس على هذا التعدي وحكم بإرجاع هذه الأسقفيات إلى متروبوليت صور.
ثيودوريطس وإيبا: وفي الجلسة الثامنة فاه ثيودوريطس أسقف قورش لأول مرة بقطع نسطوريوس "وكل من لا يدعو مريم العذراء والدة الإله يجعل من الابن الوحيد اثنين". وحذا حذوه كل من صفرونيوس أسقف قسطنطينة الرها ويوحنا أسقف مرعش. فعرف المجمع جميع هؤلاء أرثوذكسيين. وفي الجلسة العاشرة تبرأ إيبا.
كنيسة أورشليم: وكان الآباء القديسون المجتمعون في نيقية في المجمع المسكوني الأول قد خصوا أسقف أورشليم بامتيازات معينة نجهلها وحافظوا في الوقت نفسه على حقوق متروبوليت الأبرشية أسقف قيصرية. وكان يوبيناليوس منذ أن تسلّم عكاز الرعاية قد بدأ يمارس صلاحيات أوسع بكثير مما سمح به العرف والتقليد. فإنه تشوّف إلى ممارسة السلطة في العربية وفي فينيقية فساك الأساقفة في هاتين الأبرشيتين. وزوَّر الوثائق وأبرزها في أفسس ليثبت حقاً لم يعرف به أحد. واعترض كيرلس سبيله وكشف أمره فسكت وبات ينتظر فرصة موآتية. فلما تعكّر الجو واجتمع الآباء لينظروا في أمر أوطيخة عاد إلى سابق مطلبه. وفي الجلسة السابعة من جلسات المجمع الخلقيدوني المنعقدة في السادس والعشرين من تشرين الأول سنة 451 تفاهم الأسقفان الأنطاكي والأورشليمي فاعترف مكسيموس بسلطة يوبيناليوس على أمهات المدن ببسان وقيصرية والبتراء. وامتنع يوبيناليوس عن المطالبة بأية صلاحية في فينيقية والعربية.
أسقف رومة الجديدة: وفي الجلسات الحادية عشرة إلى الرابعة عشرة حلَّت مسائل تتعلق بأساقفة آسية. وفي الجلسة الخامسة عشرة سنَّ المجمع ثلاثين قانوناً لا تزال سارية المفعول. وجاء في القانون التاسع أنه إذا وقع خلاف بين اكليريكي وبين متروبوليت الأبرشية يرفع إلى اكسرهوس الولاية وإلى الجالس على كرسي القسطنطينية. وجاء مثل هذا في القانون السابع عشر. ونص القانون الثامن والعشرون بالمساواة في الكرامة بين أسقفي رومة الجديدة ورومة القديمة. فاعترض الوفد الروماني على هذه المساواة.

No comments: